العلماء يكشفون أسرار الشيفرة الوراثية الخفية وراء الأمراض

منذ 22 ساعات
العلماء يكشفون أسرار الشيفرة الوراثية الخفية وراء الأمراض

في خطوة علمية غير مسبوقة، تمكن باحثون من مختبر الأحياء الجزيئية الأوروبي من قراءة الشيفرة الجينية التي تتحكم في نشوء الأمراض. وقد أسفر تطوير أداة ثورية تُعرف باسم SDR-seq عن إمكانية تحليل الحمضين النووي (DNA) والريبوزي (RNA) داخل الخلية نفسها في وقت واحد.

فتح آفاق جديدة في فهم الجينوم

تُعتبر هذه التقنية طريقًا لفهم تأثير المناطق غير المرمزة في الجينوم، والتي لا تنتج بروتينات لكنها تتولى إدارة نشاط الجينات. وتُظهر الدراسات أن أكثر من 95٪ من الطفرات الجينية المرتبطة بالأمراض تقع ضمن هذه المناطق.

تقنية SDR-seq: إنجاز علمي مذهل

تم نشر نتائج الدراسة في مجلة Nature Methods، حيث أوضح الباحث الرئيسي، دومينيك ليندنهوفر، بأن “المشكلة كانت قائمة لفترة طويلة؛ فالتقنيات السابقة لدراسة الـ DNA والـ RNA داخل الخلية كانت محدودة الحساسية وصعبة التطبيق. أما الآن، فقد أصبح بإمكاننا رصد الطفرات بدقة، سواء كانت في مناطق مشفرة أو غير مشفرة، عبر آلاف الخلايا دفعة واحدة”.

فهم العلاقة بين الطفرات الخلوية

يتكون الحمض النووي من مناطق مشفرة تحتوي على تعليمات تكوين البروتينات، ومناطق غير مشفرة تنظم متى وأين تفعل هذه الجينات. وعلى الرغم من أن الغالبية العظمى من الطفرات المرضية تحدث في المناطق التنظيمية غير المشفرة، إلا أن العلماء لم يتمكنوا سابقًا من تحليلها على نطاق واسع أو ربطها بنشاط الجينات مباشرة.

تجاوز العقبات السابقة

ومع تقنية SDR-seq، تمكن العلماء من تجاوز هذه العقبة، حيث تسمح هذه التقنية للباحثين بقراءة الجينوم والتعبير الجيني معًا داخل الخلية الواحدة، مما يُسهّل تحديد العلاقة بين الطفرات وطريقة عمل الخلية.

كيفية عمل تقنية SDR-seq

تقوم التقنية على استخدام قطيرات مجهرية من الزيت والماء، تحتوي كل منها على خلية واحدة، حيث يتم تحليل المادة الوراثية (DNA وRNA) بالتوازي داخلها. بهذه الطريقة، يمكن دراسة آلاف الخلايا في تجربة واحدة، وربط الطفرات مباشرة بالتغيرات في التعبير الجيني.

التعاون بين الفرق البحثية

ساهمت فرق بحثية في تطوير طريقة خاصة لتثبيت الخلايا والحفاظ على RNA الهش من التحلل، بينما وضع علماء الحوسبة الحيوية برنامجًا خاصًا لفك الشيفرات المعقدة للنظام المستخدم في ترميز الخلايا. ورغم تصميم البرنامج لهذا المشروع تحديدًا، يمكن استخدامه في العديد من دراسات الجينوم المستقبلية.

نتائج مثيرة للدراسة

اختبر الباحثون التقنية الجديدة على عينات من مرضى سرطان الغدد اللمفاوية من نوع ليمفوما الخلايا البائية، حيث كشفت التجارب أن الخلايا التي تحمل طفرات أكثر تُظهر نشاطًا جينيًا أعلى يدعم نمو الورم. هذا يشير إلى أن الطفرات لا تحدد فقط وجود المرض، بل تؤثر أيضًا في درجة خباثته.

خطوة نحو فهم الجينوم البشري

بهذه التقنية، اقترب العلماء خطوة كبيرة نحو فهم اللغة الخفية للجينوم البشري، وهي الشيفرة التي لم تُكتب بالحروف بل بالإشارات التنظيمية التي تتحكم في مصير كل خلية وكل مرض.