فيروسات قديمة تمنح البكتيريا مناعة مذهلة ضد التهديدات الحديثة
توصل علماء من جامعة ولاية بنسلفانيا إلى اكتشاف مذهل: الفيروسات القديمة التي توجد داخل البكتيريا لا تزال تلعب دورًا مهمًا في حماية هذه الكائنات الدقيقة من الفيروسات الحديثة. هذا الاكتشاف قد يفتح آفاقاً جديدة في تطوير جيل جديد من مضادات الفيروسات وبدائل المضادات الحيوية وعلم الأحياء الدقيقة الصناعي. وقد نشرت الدراسة في مجلة Nucleic Acids Research، وتكشف كيف تستخدم البكتيريا قطعًا من الحمض النووي الفيروسي القديم كجزء من نظام دفاع متطور ضد الفيروسات الغازية.
آلية الدفاع الفيروسي
يشير البروفيسور توماس وود، قائد الفريق البحثي، إلى أن هذه الفيروسات القديمة ليست مجرد بقايا تطورية، بل تعمل كحراس للحمض النووي البكتيري. عندما تتعرض البكتيريا لهجمات من الفيروسات الجديدة المعروفة باسم العاثيات، تبدأ في تنشيط إنزيم خاص يسمى PinQ. هذا الإنزيم، الذي يُعتبر نوعًا من الـrecombinase، يقوم بقص وإعادة ترتيب قطع من الحمض النووي البكتيري بسرعة استجابة للخطر.
تكوين البروتينات الهجينة
يعمل إنزيم PinQ على قلب مقطع جيني داخل الكروموسوم، وهو ما يؤدي إلى إنتاج بروتينات هجينة جديدة تُعرف باسم Stf. هذه البروتينات تمزج أجزاء من البكتيريا مع أجزاء من الفيروس القديم المدمج في الحمض النووي. تلعب البروتينات Stf دورًا حيويًا في منع الفيروسات المهاجمة من الالتصاق بسطح الخلية أو إدخال مادتها الوراثية، مما يمكّن البكتيريا من البقاء على قيد الحياة دون عدوى.
نظام دفاعي متطور
يؤكد وود: “المذهل أن هذا النظام لا ينتج طفرات عشوائية، بل ينشئ بروتينات جديدة فعالة بدقة مذهلة، ما يدل على أنه نظام دفاعي متطور ارتقى عبر ملايين السنين.”
فرص البحث المستقبلية
يشير الباحثون إلى أن فهم هذه العملية قد يقود إلى قفزات نوعية في أبحاث مقاومة المضادات الحيوية. فبينما تصبح المضادات الحيوية أقل فعالية بسبب مقاومة البكتيريا، يمكن أن تستفيد العاثيات من الهجمات على أنواع محددة من البكتيريا دون الإضرار بالبكتيريا المفيدة أو خلايا الإنسان.
اختبار فعالية النظام الدفاعي
لإثبات فعالية هذا النظام القديم، قام الفريق بزيادة إنتاج بروتين Stf في بكتيريا E. coli، ثم عرضها للعاثيات. أشارت النتائج إلى أن البكتيريا تمكنت من مقاومة العدوى بنجاح في البداية، مما أدى لظهور المحاليل بشكل أكثر عكارة، مما يدل على فشل الفيروسات في قتل الخلايا. ولكن بعد ثمانية أجيال من التجربة، بدأت الفيروسات بإجراء تغييرات في بروتيناتها السطحية لتجاوز هذا الدفاع، مما يعكس سباق التسلح التطوري المستمر بين الفيروسات والبكتيريا.
تطبيقات عملية جديدة
تفتح هذه النتائج آفاقًا جديدة في مجالات الطب والأغذية، حيث يمكن استخدام هذه المعرفة لتعزيز زراعة البكتيريا المفيدة في الصناعات الغذائية مثل الألبان والأجبان، فضلًا عن تطوير علاجات دقيقة لمواجهة العدوى المقاومة للأدوية.