اكتشاف جزيئات بكتيرية خفية في الدماغ يكشف أسرار النوم المدهشة

منذ 2 ساعات
اكتشاف جزيئات بكتيرية خفية في الدماغ يكشف أسرار النوم المدهشة

لطالما كان يُعتقد أن النوم هو عملية يتحكم فيها الدماغ فقط، من خلال شبكاته العصبية وخلاياه المتخصصة. لكن تشير أبحاث جديدة من جامعة ولاية واشنطن إلى منظور مختلف، حيث تكشف أن النوم هو عملية تعاونية تشمل الجسم والميكروبات الساكنة فيه.

دور البيبتيدوجليكان في النوم

وجد الباحثون أن مادة تُدعى البيبتيدوجليكان (Peptidoglycan)، وهي مكون أساسي لجدران البكتيريا، تتواجد بشكل طبيعي داخل أدمغة الفئران. وقد أظهرت النتائج أن مستويات هذا الجزيء ليست ثابتة، بل تتغير بتغير أنماط النوم واليقظة، مما يعني أن إشارات النوم قد تصل إلى الدماغ ليس فقط من الشبكات العصبية بل أيضاً من التواصل المستمر بين الجسم وميكروبات الأمعاء.

فرضية الشرط الهولوبايونتي للنوم

يدعم هذا الاكتشاف ما يعرف بفرضية “الشرط الهولوبايونتي” للنوم، التي تجمع بين نظريتين رئيسيتين: الأولى تعتبر النوم عملية دماغية مركزية، بينما الثانية تشير إلى أن النوم يحدث محلياً في مجموعات صغيرة من الخلايا المنتشرة في الجسم. وفقاً للفرضية الجديدة، يتم النوم من خلال تفاعل بين جهازين مستقلين ولكنهما مترابطان؛ الجهاز العصبي الذي ينظم النوم والميكروبات المعوية التي تطلق جزيئات تؤثر على الدماغ. وبالتالي، يصبح النوم عملية موزعة ومعقدة وليست مركزية فقط.

أهمية وجود البيبتيدوجليكان في الدماغ

الجديد أيضاً هو أن البيبتيدوجليكان قد أثبت العلماء أنه يُحفز النوم عند حقنه في الحيوانات. لكن الاعتقاد السائد كان يمنع وصوله طبيعياً إلى الدماغ. ومع نتائج هذا البحث، ووجوده المستمر داخل الدماغ، يبدو أن النوم قد يكون نتاجاً لدورات النشاط والخمول التي بدأت مع البكتيريا منذ مليارات السنين.

تأثيرات الفرضية الجديدة على العلوم السلوكية

كما يوضح البروفيسور جيمس كروجر، أحد أبرز العلماء في مجال أبحاث النوم، أن “تطور النوم بدأ منذ عصور بعيدة مع إيقاعات النشاط لدى البكتيريا، وأن الجزيئات التي كانت تحكمها هي نفسها التي تتحكم اليوم في الإدراك والسلوك البشري”.

آفاق جديدة في علاج اضطرابات النوم

إذا كانت هذه الفرضية صحيحة، فإنها ستحدث ثورة في فهمنا لعلاقة الميكروبيوم بالسلوك البشري. فالميكروبات لا تساهم فقط في عملية الهضم أو المناعة، بل قد تؤثر أيضاً على الإدراك، والشهية، والرغبة الجنسية، وحتى الإرادة الحرة. هذا يفتح آفاقاً جديدة لعلاج اضطرابات النوم، وقد يمتد إلى الاضطرابات العصبية والنفسية الأخرى، من خلال التركيز على التوازن الميكروبي بدلاً من الدماغ فقط.

استراتيجيات علاجية جديدة محتملة

تشير النتائج إلى أن المستقبل قد يشهد تطوير استراتيجيات علاجية تعتمد على الميكروبيوم لعلاج الأرق واضطرابات النوم المزمنة. بدلاً من استخدام الأدوية التي تستهدف الدماغ مباشرة، يمكن تصميم مقاربات تعيد ضبط العلاقة بين الجسم وميكروبه.