اكتشاف نانوي يعيد تشكيل زراعة الأرز ويعزز الأمن الغذائي العالمي

يعتبر الأرز الغذاء الأساسي لأكثر من 3.5 مليار إنسان حول العالم، ورغم أهميته الكبيرة، فإنه من أكثر المحاصيل استنزافًا للموارد، بما في ذلك استهلاك الأسمدة وتكاليف الإنتاج والانبعاثات الكربونية. لكن أبحاثًا جديدة من جامعة ماساتشوستس الأمريكية وجامعة جيانجنان الصينية قد كشفت عن حل مبتكر يمكن أن يواجه هذا التحدي العالمي، وهو استخدام عنصر السيلينيوم في صيغته النانوية.
الدعوة لثورة زراعية جديدة
يقول البروفيسور باوشان شينج: “أثّرت الثورة الخضراء في منتصف القرن الماضي بشكل كبير على الإنتاج الزراعي، لكنها الآن تواجه خطر الركود. نحن بحاجة إلى ثورة جديدة تعيد التوازن بين الإنتاج والاستدامة.”
تحديات الأسمدة الصناعية
اعتمدت الثورة الزراعية السابقة بشكل كبير على الأسمدة النيتروجينية الصناعية. ومع ذلك، فإن هذه الأسمدة تُعرَف بأنها باهظة الثمن وتنتج كميات ضخمة من ثاني أكسيد الكربون. كما تستفيد النباتات من 30% إلى 60% فقط من تلك الأسمدة، حيث يُهدَر الباقي في المياه، مما يؤدي إلى تلوث البيئة وظهور مناطق ميتة.
فوائد السيلينيوم النانوي
أظهرت الدراسات أن رش الأرز بمركبات السيلينيوم النانوي باستخدام الطائرات المسيرة يساهم في تقليص الحاجة إلى الأسمدة الكيميائية. كما يرفع كفاءة استخدام النيتروجين من 30% إلى 48.3%. ويترتب على ذلك تقليل التأثيرات البيئية الضارة بنسبة 41% وزيادة العوائد الاقتصادية بنسبة 38.2% لكل طن من الأرز المنتج. إضافة إلى ذلك، تعمل هذه الطريقة على تقليل انبعاثات الميثان وأكسيد النيتروز والأمونيا بنسبة تتراوح بين 18.8% و45.6%.
آلية عمل السيلينيوم النانوي
تتمثل فعالية السيلينيوم النانوي في تحفيز عملية التمثيل الضوئي بمعدل يزيد عن 40%. هذا التحفيز يعني أن النبات يمكنه امتصاص المزيد من ثاني أكسيد الكربون وتحويله إلى كربوهيدرات، التي تغذي جذوره. هذه العملية تعزز من قوة الجذور، مما يؤدي إلى إطلاق مركبات عضوية تنشط الميكروبات النافعة في التربة، وبالتالي تزيد من امتصاص النيتروجين والأمونيوم.
خطوة نحو الزراعة المستدامة
يمثل هذا الابتكار خطوة مهمة نحو زراعة أكثر استدامة، حيث يجمع بين تقليل التكاليف على المزارعين وتحسين القيمة الغذائية لحبوب الأرز الغنية بالسيلينيوم، فضلاً عن حماية البيئة من التلوث والانبعاثات الضارة.
مستقبل الزراعة والأمن الغذائي
إذا ما تم تطبيق هذه التقنية على نطاق واسع، فقد تعيد تشكيل العلاقة بين الزراعة والبيئة، مما يوفر للعالم أداة فعالة لمواجهة تحديات الأمن الغذائي وتغير المناخ.