ألمانيا تغلق ملف مطالب بولندا بتعويضات جرائم الاحتلال النازي

منذ 2 ساعات
ألمانيا تغلق ملف مطالب بولندا بتعويضات جرائم الاحتلال النازي

أكد الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، إغلاق ملف التعويضات التي تطالب بها بولندا عن جرائم الاحتلال النازي نهائياً.

التأكيد على إغلاق قضية التعويضات

أوضح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الألمانية عبر منصة “إكس” أن “قضية التعويضات تم حسمها نهائياً وبشكل قانوني”. ورغم هذا الخلاف، تبقى مسألة إحياء ذكرى ضحايا الحرب وتعزيز ثقافة التذكر قضية مشتركة بين البلدين.

زيارة الرئيس البولندي إلى ألمانيا

بدأ الرئيس البولندي كارول نافروتسكي زيارة رسمية إلى ألمانيا يوم الثلاثاء الماضي، حيث بحث مع الرئيس الألماني شتاينماير والمستشار فريدريش ميرتس سبل تعزيز العلاقات الثنائية. وتتضمن مداولاتهم قضايا أمنية شاملة وشؤون الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى العلاقات عبر الأطلسي.

مطالب بولندا بالتعويضات

منذ عام 2022، تطالب بولندا بتعويضات تصل إلى نحو 1.4 تريليون يورو عن الأضرار البشرية والمادية التي لحقت بها جراء الاحتلال النازي بين عامي 1939 و1945. يستند الموقف البولندي إلى تقرير رسمي صادر عن الحكومة السابقة بقيادة حزب “القانون والعدالة”، حيث تُقدر الخسائر البشرية بنحو 11.2 مليون شخص، بينهم 5.2 مليون قُتلوا مباشرة.

وقد انخفض عدد سكان بولندا من 35 مليون نسمة قبل الحرب إلى 23 مليوناً بعدها، نتيجة عمليات القتل والتهجير وتغييرات الحدود. كما أشار التقرير إلى أن نحو 2.1 مليون بولندي أُجبروا على العمل القسري في المزارع والمصانع الألمانية بما يعادل 4.9 مليون سنة عمل، إلى جانب خطف 196 ألف طفل بولندي لأغراض “الجرمنة”، لم يُسترجع منهم سوى 30 ألفاً.

الخلاف حول حقوق التعويضات

تصر برلين على أن وارسو أسقطت حقها في المطالبة بالتعويضات منذ عام 1953، عندما أعلنت جمهورية بولندا الشعبية، التي كانت تحت النفوذ السوفيتي، التخلي عن جميع مطالبها تجاه ألمانيا الشرقية. وترى الحكومة الألمانية أن هذا الاتفاق يلزم الدولة البولندية الحالية، بينما تعتبر قيادة بولندا أن التنازل لم يكن شرعياً، لأنه تم تحت ضغط الاتحاد السوفيتي.

روح التعاون بين الجانبين

على الرغم من هذه الخلافات، اتسمت اللقاءات بين الجانبين بروح “ودية وبناءة”. وتم الاتفاق على تعزيز التعاون في مواجهة التهديدات الروسية، خصوصاً على الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي (الناتو). وأكد الطرفان على أهمية استمرار الدعم الغربي لأوكرانيا في مواجهة الحرب الروسية.

التعاون الأمني ورسالة إيجابية

أشار المستشار الألماني فريدريش ميرتس إلى أن بلاده تقف “قوية وبلا تردد” إلى جانب بولندا، وأنها تتحمل “مسؤولية تاريخية” تجاه جارتها الشرقية بسبب الجرائم التي ارتكبها الاحتلال النازي.

وعلى الرغم من أن قضية التعويضات ألقت بظلالها على الزيارة، حرص الجانبان على إظهار وحدة الصف في القضايا الأمنية. كما وافق الرئيس الألماني على زيارة نظيره البولندي لوارسو في الفترة المقبلة، مما يُعتبر خطوة إيجابية للحفاظ على الحوار الثنائي.

التوجهات السياسية وتحديات المستقبل

يرتبط ملف التعويضات بتوجهات سياسية داخل بولندا، حيث يرأس بولندا حليف لحزب “القانون والعدالة” الذي أطلق المطالب الرسمية عام 2022. ساهمت هذه المطالب في توتر العلاقات مع برلين، رغم تقارب الموقفين حول ضرورة مواجهة روسيا وتعزيز التعاون داخل الاتحاد الأوروبي والناتو.

تؤكد هذه الزيارة أن العلاقات البولندية-الألمانية لا تزال محكومة بثقل الذاكرة التاريخية للحرب العالمية الثانية. في وقت تحتاج فيه أوروبا إلى وحدة أكبر لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية الراهنة، تظل وارسو مصممة على أن العدالة لم تتحقق بعد، بينما تتمسك برلين برؤيتها القانونية لتسوية الملف، مما يُبقي هذا الخلاف محوراً دائماً في العلاقات الثنائية.