المجلس الأعلى للثقافة يحتفل بمهرجان عيد وفاء النيل

ندوة “وفاء النيل عند المصريين في الثقافة الشعبية”
عقد المجلس الأعلى للثقافة ندوة تحت عنوان “وفاء النيل عند المصريين في الثقافة الشعبية” مساء أمس الثلاثاء، 12 أغسطس 2025، في قاعة المؤتمرات بمقر المجلس بدار الأوبرا. وتأتي هذه الفعالية الثقافية في سياق احتفالات عيد وفاء النيل.
مبادرة “النيل عنده الكثير”
تأتي هذه الندوة ضمن مبادرة “النيل عنده الكثير” التي يشرف عليها مستشار وزير الثقافة للحوار والتنمية المجتمعية، أمير تادرس. أدرات النقاش الدكتورة إيمان نجم، رئيسة الإدارة المركزية للشؤون الأدبية والمسابقات، وشارك في النقاش نخبة من الباحثين والأكاديميين، من بينهم الدكتورة أمانى الجندى، مدير عام الإدارة العامة لمنح التفرغ ورعاية الفنانين، والدكتورة علا العبودى، أستاذة كلية الآثار، والدكتور محمد عفيفى، أستاذ التاريخ، بالإضافة إلى حضور مجموعة من المهتمين بالثقافة والتراث الشعبي.
دور نهر النيل في الحضارة المصرية
أوضح الدكتور محمد عفيفى أن شهر أغسطس هو شهر الفيضان، الذي يمثل رمز الخير لمصر، وذلك بفضل عطاء نهر النيل في هذا الوقت من كل عام. وأكد أن تاريخ مصر مستحيل بدون النيل، حيث ستتحول أراضيها إلى صحراء شاسعة بدونه.
استشهد عفيفى بكلام المؤرخ الإغريقى هيرودوت، الذي قال “مصر هبة النيل”، مؤكدًا أن المصريين القدماء هم الذين عرفوا كيف يتعاملون مع هذا النهر العظيم، مما ساهم في تطور الزراعة وتأسيس أول دولة مركزية في التاريخ.
الاهتمام بالنيل عبر العصور
وأشار عفيفى إلى أن الحضارات عادة ما تعيش على ضفاف الأنهار، لافتًا إلى أن المصريين القدماء كانوا حريصين على تأمين منابع النيل. ومن هنا، اعتبر الامتداد إلى جنوب السودان استراتيجية رائعة، حيث كان محمد علي باشا يمتلك رؤية متقدمة في هذا المجال.
وفي سياق الحديث عن الاستعمار، أوضح عفيفى أن الإنجليز لعبوا دورًا في فصل السودان عن مصر، مما يعد خسارة فادحة لمصر، لافتًا إلى أن إنجلترا كانت تدرك أهمية النيل منذ بداية حقبة الاستعمار، حيث اقترحت بناء سد النهضة إذا استمرت مطالبات المصريين بالاستقلال.
وجهات نظر جديدة حول النيل
تناولت الدكتورة علا العبودى أهمية نهر النيل في الحضارة المصرية القديمة، واصفة إياه بأنه نبض القلب لهذه الحضارة. وتحدثت عن التفسير الخاطئ للرأي القائل بأن أصل كلمة “نيل” يعود للحضارة الفينيقية، مشددةً على أن الحضارة المصرية كانت سباقة في تشكيل المفاهيم.
كما نوهت العبودى إلى أن النيل كان يعتمد عليه في انتظام الفيضان، مما ساهم في نشوء مراكز حضارية توحدت فيما بعد تحت حكم ملك واحد. وأشارت إلى أن “حجر بالرمو” وثق الأحداث الهامة في حياة المصري القديم، بما في ذلك ارتفاع منسوب الفيضان.
النيل والمواسم الزراعية
تحدثت العبودى حول ارتباط منسوب النيل بالمحاصيل الزراعية، حيث أكدت على أهمية مراقبة المنسوب لتحديد الإنتاج الزراعي. كما استعرضت مواسم الزراعة الثلاثة في مصر القديمة: موسم الفيضان، موسم البذر، وموسم الحصاد.
النيل في الأدب والأساطير
استعرضت العبودى مكانة النيل في الأدب والأساطير، مشيدة بقصص الحكايات الشعبية ومرجعياتها التاريخية. وأكدت على أن النيل كان له تأثير كبير على الفنون والموسيقى، حيث استشهدت بكبار الفنانين مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ.
النيل كرمز ثقافي
اختتمت الدكتورة أمانى الجندى حديثها بتسليط الضوء على النيل كجزء لا يتجزأ من الثقافة الشعبية المصرية، حيث يعد وعاءً يجمع عناصر الثقافة المختلفة. وتطرقت أيضًا إلى الأساطير المرتبطة بالنيل، مثل “عروس النيل” وطقوس القرابين التي كانت تُقدم له.
ختامًا، ذكرت الجندى كلمات الشاعر الفلسطيني محمود درويش، الذي وصف النيل بأنه جزء من الهوية، مما يعكس الروابط الأزلية بين المصريين ونهرهم العظيم.