بناء السلام في الرسالات السماوية والإسلام: تصريحات مفتي الجمهورية

منذ 4 ساعات
بناء السلام في الرسالات السماوية والإسلام: تصريحات مفتي الجمهورية

دور الأديان في تعزيز السلام والعدل

قال فضيلة مفتي الجمهورية، الدكتور نظير عياد، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن الأديان بريئة من كل أشكال العنف والوحشية التي ترتكب باسمها. الأديان جاءت لترسيخ قيم الرحمة والعدل، وتعزيز التآخي بين البشر، وإعلاء قيمة الإنسان كخليفة في الأرض، بعيدًا عن الاستغلال أو التوظيف المنحرف للنصوص الدينية الذي يؤدي إلى سفك الدماء وإشعال الصراعات.

التأكيد على دور القيادات الدينية

جاء ذلك خلال كلمة فضيلته في القمة الدولية الثانية للقيادات الدينية 2025، التي عُقدت اليوم الخميس في العاصمة الماليزية كوالالمبور، تحت عنوان: “دور القادة الدينيين في حل الصراعات”، برعاية رئيس وزراء ماليزيا، دانو سري أنور بن إبراهيم.

شدد فضيلته على أن جوهر الرسالات السماوية هو بناء السلام الداخلي والخارجي، وصيانة كرامة الإنسان وحقه في حياة كريمة. وأكد أن أي محاولة لإقحام الدين في العنف والإرهاب إنما هي تشويه متعمد لرسالته السامية، مشيرًا إلى أن القادة الدينيين بما يتسمون به من تأثير روحي وأخلاقي، يمتلكون القدرة على أن يكونوا شركاء فاعلين في حل النزاعات وبناء السلم المجتمعي والدولي.

تحديات العالم المعاصر

أشار مفتي الجمهورية إلى أن موضوع المؤتمر يمثل إدراكًا متزايدًا بأن التحديات التي تواجه عالمنا المعاصر لا يمكن حلها بمنطق القوة وحده، بل تحتاج كذلك إلى صوت الحكمة والضمير الحي المستلهم للقيم الروحية والإنسانية. كما دعا إلى أهمية إعادة الاعتبار للأبعاد الأخلاقية في معالجة الأزمات.

وأوضح أن القادة الدينيين يمكنهم لعب دور محوري في بناء السلام وتفكيك أسباب النزاع، خاصة في المجتمعات التي تتداخل فيها الأبعاد الدينية مع السياقات السياسية والاجتماعية. وأكد أهمية صياغة رؤى مشتركة تسهم في تحويل القيم الدينية من مجرد مبادئ نظرية إلى أدوات عملية لحل النزاعات وتعزيز ثقافة الحوار.

أهمية التكامل والتعاون

بين فضيلته أن السلام المستدام لا يمكن أن يتحقق فقط من خلال الحلول السياسية، بل يحتاج إلى منظومة أخلاقية وروحية تعززها القيادات الدينية. وأشار إلى أن التاريخ الإسلامي يقدم نماذج رائدة في الوساطة وبناء التعايش، مثل وساطة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بين الأوس والخزرج التي أنهت صراعات قبلية دامية وأرست أسس مجتمع متماسك يقوم على العدل والرحمة.

وشدد فضيلته على أن التكامل بين القادة الدينيين وصناع القرار السياسي ومؤسسات المجتمع المدني يمثل نموذجًا متقدماً في إدارة الصراعات وتحقيق التماسك المجتمعي، مما يعزز من فرص التعايش. كما عرض مجموعة من التوصيات لتعزيز دور القادة الدينيين، مثل تنسيق الجهود عبر منصات مشتركة للحوار، واستحداث خطط استباقية لمعالجة الصراعات.

مبادرات لتعزيز التسامح

دعا فضيلته إلى تصحيح المفاهيم الدينية المغلوطة ومواجهة خطاب الكراهية والتطرف، ودعم الشراكات بين المؤسسات الدينية والمدنية. كما أكد على ضرورة تدريب القيادات الدينية على مهارات الوساطة وبناء السلام، وإطلاق نداء يعرف بـ “نداء الأديان” لرفض الحروب والإبادة الجماعية.

كما تناول التجربة المصرية الرائدة في هذا المجال، مشيرًا إلى جهود الأزهر الشريف في تعزيز قيم التعايش والحوار، مثل وثيقة الأخوة الإنسانية، وقوافل السلام، والحوار الإسلامي الإسلامي.

تحديات الصراع الراهنة

في سياق حديثه عن قضايا الصراع، خص فضيلته فلسطين وغزة بالتأكيد على رفضه القاطع لأي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين. وأشاد بالموقف المصري الثابت والجهود الإنسانية التي تبذلها الدولة لدعم أهل غزة.

ختام الكلمة ودعوة لمستقبل أفضل

اختتم فضيلته كلمته بالتأكيد على أن القادة الدينيين ليسوا مجرد رموز روحية بل صناع سلام حقيقيون، وأن دار الإفتاء المصرية ستظل منارة للوسطية والرحمة، تمد يدها لكل مبادرة تسعى لتعزيز التعايش. تأتي مشاركة فضيلة مفتي الجمهورية في هذه القمة الدولية استكمالا لدور مصر الرائد في تعزيز قيم الحوار بين الأديان والثقافات.