مصر تستعد لحدث تاريخي غدا مع تعامد أشعة الشمس على تمثال رمسيس الثاني في معبد أبو سمبل

منذ 15 ساعات
مصر تستعد لحدث تاريخي غدا مع تعامد أشعة الشمس على تمثال رمسيس الثاني في معبد أبو سمبل

تستعد مصر فجر غدٍ لاستقبال أحد أكثر المشاهد التاريخية سحراً، حيث تتعامد أشعة الشمس على وجه تمثال الملك رمسيس الثاني داخل قدس الأقداس في معبده بمدينة أبو سمبل. يُعتبر هذا الحدث الفلكي الفريد تجربة ينتظرها الآلاف من المواطنين والسياح مرتين كل عام، ليشهدوا لحظة تمزج بين العلم والأسطورة والفلك والخلود.

لحظة تألق الفراعنة

في تلك اللحظات القليلة، تخترق أشعة الشمس الممر الصخري الممتد بطول 200 متر داخل المعبد، لتضيء وجوه رمسيس الثاني واثنين من آلهة مصر القديمة، رع حور آختي وآمون رع. بينما تبقى تماثيل الإله بتاح، المعروف بإله الظلام، في الظل.

تُعيد هذه الظاهرة إلى الأذهان عبقرية الفراعنة في مجالات الفلك والهندسة والنحت، حيث تمكنوا من رسم حركة الشمس بدقة مذهلة قبل أكثر من 33 قرناً.

لحظة تاريخية تجمع الماضي بالحاضر

عندما تبدأ أشعة الشمس في الزحف داخل المعبد غداً، تتوقف الحشود مبهورة أمام هذا المشهد الفريد. وفي تلك اللحظة، يمتزج هيبة المكان بروعة الزمان، ويشعر كل من يشاهد الحدث بأنه جزء من حضارة لا تزال تنبض بالحياة رغم مرور آلاف السنين.

تستمر الظاهرة نحو 25 دقيقة فقط، لكنها تُختصر فيها آلاف السنين من المعرفة، حيث تؤكد أن المصريين القدماء لم يكونوا مجرد بناة للأهرامات والمعابد، بل كانوا أيضاً علماء فلك ومهندسين وفنانين تفوقوا على عصرهم.

دلالات تاريخية وفلكية

توجد روايتان حول أسباب تعامد الشمس في هذين اليومين فقط. تقول الرواية الأولى إن التصميم الفلكي للمعبد جاء لتحديد بداية الموسم الزراعي وخصوبة الأرض. بينما تشير الرواية الثانية إلى أن هذين التاريخين يتوافقان مع يوم ميلاد رمسيس الثاني ويوم تتويجه على العرش.

معبد أبو سمبل: علامة فارقة في التاريخ

يُعد معبد أبو سمبل واحداً من أروع الإنجازات المعمارية في التاريخ الإنساني. فهو أكثر من مجرد صرح حجري، إنه رسالة خالدة تعكس عظمة مصر القديمة.

تم بناء المعبد في القرن الثالث عشر قبل الميلاد على يد الملك رمسيس الثاني خلال حكم الأسرة التاسعة عشرة، ليخلد انتصاراته في معركة قادش، ويظهر قوته وتأليه ذاته. كما شيد بجانبه معبداً أصغر لزوجته المحبوبة الملكة نفرتاري، تكريماً لها وللإلهة حتحور، ربة الجمال والموسيقى.

مراقبة الظاهرة التاريخية

منذ أن رصدت الكاتبة البريطانية إميليا إدواردز ظاهرة تعامد الشمس على وجه تمثال رمسيس الثاني لأول مرة عام 1874، أصبحت هذه الظاهرة حدثاً عالمياً يتابعه العلماء والسياح على حد سواء.

قبل عملية النقل، كانت الظاهرة تحدث في 21 أكتوبر و21 فبراير. ومع إعادة تركيب المعبد، تغيرت إلى 22 أكتوبر و22 فبراير، مما يعكس دقة مذهلة في حسابات المصريين القدماء.

رسالة الحضارة المصرية

مع كل شروق شمس يتعامد على وجه رمسيس، تتجدد رسالة الحضارة المصرية للعالم: قد تغيب الشمس عن الأفق، لكنها لا تغيب أبداً عن مصر، لأنها أرض الخلود والنور الأول.