مركبات مبتكرة قد تعيد تأهيل الأعصاب المتضررة بفعل التصلب المتعدد

حقق العلماء قفزة نوعية نحو علاج جذري لمرض التصلب المتعدد بعد اكتشاف مركبين جديدين قادرين على إصلاح الأضرار العصبية الناتجة عن هذا المرض.
اكتشاف مركبين جديدين
حدد باحثون أمريكيون مركبين يُعرفان باسم K102 وK110، حيث يظهران قدرة فريدة على تجديد الغلاف الواقي للأعصاب (الميالين) وتنظيم الجهاز المناعي في الوقت نفسه. هذا الاكتشاف، الذي تم ترخيصه لشركة Cadenza Bio، يُعتبر نقلة نوعية من البحث المختبري إلى التطبيق العلاجي المحتمل، مما يمكن أن يُحدث ثورة في كيفية التعامل مع الأمراض العصبية التنكسية.
التصلب المتعدد وتأثيره
يُعتبر التصلب المتعدد من الأمراض المزمنة الخاصة بالمناعة الذاتية، ويؤثر على أكثر من 2.9 مليون شخص حول العالم. في هذا المرض، يهاجم الجهاز المناعي بطريق الخطأ غشاء الميالين الذي يحيط بالأعصاب، مما يعرقل الاتصال بين الدماغ والجسم، ويسبب أعراضًا مثل الخدر والوخز وضعف الرؤية، وأحيانًا الشلل. رغم أن العلاجات الحالية تقلل الالتهاب، إلا أنها لا تستطيع حتى الآن إصلاح الأعصاب أو إعادة بناء الميالين التالف.
تطوير المركبين K102 وK110
استند البحث إلى مركب سابق يُدعى إندازول كلوريد، الذي أظهر إمكانيات واعدة في تحفيز إصلاح الميالين وتنظيم المناعة، لكنه لم يكن مناسبًا من الناحية الكيميائية أو القانونية للتطوير الدوائي. لتجاوز هذه العقبات، أعاد الفريق تصميم المركب واستخلص أكثر من 60 نظيرًا كيميائيًا، حتى توصلوا إلى المركبين البارزين K102 وK110.
نتائج التجارب
أظهرت التجارب أن K102 هو المرشح الأقوى، حيث استطاع تحفيز إعادة بناء الميالين بفعالية وتنظيم الاستجابة المناعية المفرطة في الوقت ذاته. هذا التوازن ضروري في معالجة التصلب المتعدد. وقد أثبت كفاءة هذا المركب في الخلايا البشرية المكوّنة للميالين والمشتقة من الخلايا الجذعية، مما يشير إلى إمكانية انتقال نتائجه من النماذج الحيوانية إلى البشر.
أما بالنسبة للمركب K110، فرغم أنه أقل فعالية في إصلاح الميالين، إلا أنه أظهر تأثيرات مركزية مميزة قد تجعله مناسبًا لعلاج حالات أخرى مثل إصابات الحبل الشوكي أو الدماغ الرضحية، لذا قرر الباحثون الاحتفاظ به ضمن خطة التطوير المستقبلية.
التعاون الأكاديمي والصناعي
تُعتبر هذه الخطوة مثالًا ناجحًا على التعاون بين الأوساط الأكاديمية والصناعية. فقد سهل برنامج Fast Forward التابع للجمعية الوطنية للتصلب المتعدد تحويل البحث إلى مشروع تطوير دوائي فعلي. بفضل الدعم المؤسسي، تمكن الفريق من ترخيص المركبين لشركة Cadenza Bio لمتابعة التجارب السريرية، بينما تحتفظ جامعتي كاليفورنيا وإلينوي بحقوق الملكية الفكرية المشتركة.
أمل جديد للمرضى
تشير إحدى الباحثات في الدراسة إلى أن “هدفنا كان دائمًا إيجاد علاج لا يوقف المرض فحسب، بل يعيد إصلاح الجهاز العصبي ذاته؛ والآن نحن نقترب من تحقيق هذا الهدف.” بينما أضاف باحث آخر “هذا المشروع مثال حي على كيف يمكن للبحث العلمي طويل الأمد أن يتحول إلى أمل حقيقي للمرضى. ما بدأ كفكرة في المختبر قد يصبح قريبًا علاجًا يغير حياة الملايين.”
نقطة تحول في الطب العصبي
إن نجاح هذا الاكتشاف قد يمثل نقطة تحول في علاج التصلب المتعدد وغيرها من أمراض الأعصاب. لم يعد الهدف مجرد السيطرة على الأعراض، بل عكس مسار التلف العصبي نفسه، وهو الخطوة التي طال انتظارها في عالم الطب العصبي.