اكتشف السبب الحقيقي وراء الإفراط في الأكل هل الأطعمة فائقة التصنيع هي الجاني؟

منذ 3 ساعات
اكتشف السبب الحقيقي وراء الإفراط في الأكل هل الأطعمة فائقة التصنيع هي الجاني؟

الأطعمة فائقة التصنيع: المخاطر والحقائق

تُعتبر الأطعمة فائقة التصنيع واحدة من أبرز الموضوعات المثيرة للجدل في عالم التغذية. يرتبط الكثير من الخبراء هذه الأطعمة بمشكلات صحية مثل الخرف والسمنة وإدمان الطعام، ويدعون أنها مُصنَّعة عمدًا لتحفيز الدماغ على الإفراط في تناول الطعام، مما يعود بالنفع على الشركات المصنعة.

أسباب الاهتمام والجدل حول الأطعمة المصنعة

يُتهم هذا النوع من الأطعمة بأنه السبب وراء العديد من الأمراض الحديثة، بدءًا من رقائق البطاطس إلى الوجبات الجاهزة والمشروبات الغازية. لذلك، يقترح بعض صناع القرار فرض ضرائب عليها، ووضع تحذيرات على عبواتها، أو حتى منع بيعها بالقرب من المدارس. لكن السؤال الجوهري هو: هل يستند هذا القلق فعلاً إلى أدلة علمية موثوقة؟

دراسة جديدة من جامعة ليدز

أجرت جامعة ليدز دراسة تهدف إلى فهم دوافع اختيار الغذائية لدى الناس. شملت الدراسة أكثر من 3000 شخص من المملكة المتحدة، حيث قاموا بتقييم أكثر من 400 نوع من الأطعمة اليومية. أظهرت النتائج أن التفسير التقليدي الذي يربط الإفراط في الأكل بمدى تصنيع الطعام هو تبسيط مفرط، إذ إن ما يؤثر على سلوك الأكل هو تصورات واعتقادات الأشخاص حول تلك الأطعمة وليس مكوناتها فقط.

التمييز بين الإعجاب والطعام

تتداخل في النقاشات الغذائية فكرتان رئيسيتان: أولاً، الإعجاب بالطعام من حيث الطعم؛ وثانيًا، الإفراط في الأكل بدافع المتعة. يتعلق الأول بالاستساغة، بينما يشير الثاني إلى الاستمرار في تناول الطعام للشعور بالرضا. قد يحب الناس العصيدة، لكن نادراً ما يسرفون في تناولها، في حين أن الشوكولاتة والبسكويت والآيس كريم تتصدران القوائم في كلا المجالين.

نتائج الدراسات الموسعة عبر الإنترنت

في ثلاث دراسات موسعة عبر الإنترنت، طُلب من المشاركين تقييم صور لأطعمة غير مميزة بعلامات تجارية مثل البطاطس المشوية والتفاح. تم قياس مدى إعجابهم واحتمال الإفراط في تناول تلك الأطعمة، ومقارنتها بمحتواها من الدهون والسكر والألياف والكثافة الحرارية، بالإضافة إلى تصورات الناس عنها.

كانت بعض النتائج متوقعة؛ إذ فضّل الأشخاص الأطعمة التي تعودوا عليها، والأطعمة الغنية بالسعرات كانت أكثر جاذبية. إلا أن المفاجأة كانت في تأثير المعتقدات، فمجرد رؤية الطعام كدهني أو حلو زاد من احتمال الإفراط في تناوله، حتى ولو لم يكن غنيًا بالفعل بهذه المكونات.

الفهم العلمي لسلوك الأكل

هذا يعني أن طريقة تفكيرنا في الطعام تؤثر على سلوكنا في تناوله بقدر تأثير مكوناته الحقيقية. وقد أظهرت الدراسة أن تصنيف الأطعمة بأنها “فائقة التصنيع” لم يُضف الكثير للفهم؛ حيث فسر أقل من 2% من الاختلافات في الإعجاب بالطعام و4% فقط في سلوك الإفراط في الأكل.

تحذير من التصنيفات المضللة

وعلى الرغم من ذلك، لا يمكن اعتبار جميع الأطعمة فائقة التصنيع غير ضارة. فالكثير منها عالي السعرات وفقر الألياف، وسهل الإفراط في تناوله. لكن ينبغي ملاحظة أنها تشمل مجموعة متنوعة من المنتجات مثل المشروبات الغازية السكرية والحبوب الكاملة وألواح البروتين. وبالتالي، فإن وصف جميع هذه المنتجات بأنها “سيئة” يبسط المشكلة بشكل مضلل.

ضرورة اعتماد أساليب فعالة

ينبغي أن نفهم أن الناس لا يتناولون الطعام بناءً على تصنيفات التصنيع، بل معتمدين على الطعم والشعور الذي يمنحهم إياه، ومدى توافقه مع أهدافهم الصحية أو النفسية. لذا، فإن الاعتماد على تصنيف “الأطعمة فائقة التصنيع” في توجيه السياسات العامة قد يكون لها نتائج عكسية.

ويؤكد الباحثون أن الحل لا يكمن في التحذيرات أو الحظر، بل في اتباع نهج أكثر وعيًا وتخصيصًا. ينبغي رفع الوعي الغذائي وتعليم الناس فهم شهيتهم، مع تطوير منتجات تُصمم لتكون مشبعة ولذيذة. أخيرًا، يجب مساعدة الأفراد في فهم دوافعهم العاطفية والاجتماعية للأكل، لأن الإفراط في الطعام هو قصة معقدة تتجاوز التصنيع والمكونات.